القط المغرور

**Admin** السبت يناير 23, 2010 9:50 pm

كان القط الأسود عباس يحاول أن يجمع القطط من حوله فقط، دوناً عن القطط الآخرين، مع أنه كان لا يقدم أي معونة لمن كان في حاجة لها.

فقد كان يحب نفسه فقط.

فإذا طلب أحدهم منه أية خدمة، قال بصوت خفيض:

-ياه أنا مريض تعب.. لا أقوى على ذلك.

في أحد الأيام جاء القط سعيد زميل القط عباس، وأعطاه ملفات كثيرة وقال له:

-يا عباس.. المدير يطلب منك إنجاز هذه الملفات بالسرعة القصوى لأهميتها، فقد أجلتها كثيراً.

قال القط عباس كعادته:

-ألا تراني تعباً لا أستطيع الحركة.. ارحموني.. فأنا أشكو من مرض في قلبي.

ذهب القط سعيد إلى المدير وأخبره عما قاله له القط عباس.

هزّ المدير رأسه مستنكراً وقال:

-الأسبوع الماضي كان تعباً، وكذلك الأسبوع الذي قبله، واليوم، مع أنني رأيته أكثر من مرة وهو خارج الدوام يسير كالغزال.

قال القط سعيد:

-علّه مريض بالفعل.. سأعمل بدلاً عنه..

أخذ القط سعيد الملفات، وجلس قريباً من القط عباس، وأخذ يعمل بجد واجتهاد.

ضحك القط عباس في سرّه، لأنه استطاع أن يكذب على مديره وزملائه، وبقي هو مرتاحاً من العمل.

وما أن مرت ساعات قليلة حتى أخذ القط الأسود عباس يصرخ من ألم في صدره، ركض إليه زميله القط سعيد يسأله عما حدث معه، ولكن القط عباس أخذته غيبوبة.

حمل المدير والزملاء القط عباس إلى المستشفى، والألم يعصرهم حزناً على زميلهم عباس.

جاء الطبيب بعد أن أجرى الفحوصات اللازمة لقلب القط عباس، وهو يشعر بالدهشة والاستغراب، ثم قال لهم:

-فحصت القط عباس ولم أجد أي شيء يدل على ما كان يشكوه سابقاُ.

قال المدير:

-ولكن يا دكتور كان القط عباس دائماً يشكو من قلبه، ويؤكد لنا أن الطبيب حذّره من التعب والإجهاد والحزن والقلق والغضب.

قال الطبيب:

-لم يكن القط عباس يشكو من أي مرض سابق، ولكنه الآن تعرض لجلطة مفاجئة، دون سابق إنذار، ودون أية مقدمات لأي مرض سابق.

شعر المدير والزملاء أنهم كانوا ضحية كذب القط عباس، فشعروا بغيظ شديد، وخاصة المدير الذي شعر بالغفلة والبلاهة، عندما كان يصدق القط عباس فيما يدّعيه من مرض.

أخذ القط عباس يذرف دموع الحزن والندم، على ما كان يدّعيه من مرض في الأيام السابقة، كي يتهرّب من العمل، والآن يقع في نفس المرض الذي كان يدّعيه.

وكأن القدر كان له بالمرصاد.