في حب الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» نشيد 22222
الشاب والماس Emptyالجمعة مارس 12, 2010 11:55 pm من طرف Admin

» متى يبكى الشيطان
الشاب والماس Emptyالثلاثاء فبراير 23, 2010 1:05 am من طرف أم كريم

» تم افتتاح المنتدي الثاني
الشاب والماس Emptyالإثنين فبراير 22, 2010 11:31 pm من طرف Admin

» ما هو السمود؟ ولماذا هو محرم؟
الشاب والماس Emptyالإثنين فبراير 08, 2010 11:29 am من طرف حفيدة عائشة

» بر الوالدين
الشاب والماس Emptyالإثنين فبراير 08, 2010 11:26 am من طرف حفيدة عائشة

» بسكوت الكيك
الشاب والماس Emptyالسبت فبراير 06, 2010 7:42 pm من طرف حفيدة عائشة

» حلويات لذيذه جدا وشهيه جربوها
الشاب والماس Emptyالسبت فبراير 06, 2010 7:00 pm من طرف حفيدة عائشة

» الدوله الفاطميه
الشاب والماس Emptyالسبت فبراير 06, 2010 3:42 pm من طرف Admin

» تاريخ فلسطين
الشاب والماس Emptyالسبت فبراير 06, 2010 3:35 pm من طرف Admin


الشاب والماس

اذهب الى الأسفل

الشاب والماس Empty الشاب والماس

مُساهمة  سكره السبت فبراير 06, 2010 2:03 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الشاب والماس 473_1221643513



في أرض باقر الخاوية حيث الأراضي كلها بركانية نشطة كان الناس يخشون الاقتراب منها خوفاً من ثورة البراكين الدائمة. غير أنه ثمة منزل وحيد متواضع تم إعماره على الطرف الجنوبي للنهر المنحدر أسفل الصخور البركانية المنصهرة.
كان يشغله شاب باحث في علوم الأرض والأحياء وبرفقته أمه وأخته الشابة الجميلة.. التي شكلت عائقاً لا بأس به أثناء طرحه فكرة الانتقال إلى تلك المنطقة..

فقد كانت من النوع الذي لا يثير انتباهه غير توافه الأمور وقشور المادة لكن الأم أقنعتها خوفاً من ترك معيل الأسرة وحيداً وسط مفاجآت الطبيعة ومخاطرها فأذعنت مرغمة وحزينة على ترك حياة المدينة والأصدقاء.. لا حباً بالصداقة ولا حسرة على ما تقدمه من غنىً للنفس والروح.. بل لأنها فقدت متعة المباهاة بالجمال على أقرانها وأترابها. وذات يوم ضبابي خرج الشاب كعادته في الصباح الباكر مستطلعاً وباحثاً.. اقترب من منطقة اللابات( ) الساخنة بحذر وأخذ يحدق إليها.. خطر لـه أن يمدّ إحدى قدميه ليلامسها.. ولكنه بحكنة الدارس أخذ حجراً وقذفه أولاً ولشد ما كانت دهشته عظيمة.. حيث تشكلت دوائر حول الحجر وانطلقت أبخرة وغازات تدل على الغليان ثم غاص الحجر ضمن تلك الدوائر دون أن يترك أثراً على السطح..
رمى عصام حجراً ثانياً وثالثاً.. وأخذ يراقب.. كانت النتيجة نفسها في أي مكان يصل إليه الحجر.. تتشكل دوائر كالتي يصنعها أثناء قذفه في المياه الساكنة ومن ثم تغلي الأرض وتنطلق أبخرة وبعدها يغوص الحجر إلى أسفل.
حمد عصام الله لأن حبَّ الاستطلاع عنده لم يدفعه إلى المغامرة ووضع قدمه على اللابات.. وإلا كان مصيره.. مصير الحجر المختفي. أخذ يحدق إلى ما حولـه برويّة والفجر ما زال يرسل خيوطه المضيئة إلى المنطقة، فجأة سمع صوتاً هادراً جعله يرتجف بعض الشيء.. ويقبع في مكانه ساكناً منتظراً.. حتى لمح حيواناً هائلاً يشبه التنين الضخم إلا أن ذيله كان أطول ورأسه بقرنين صغيرين..
أخذ يراقب الحيوان بحذر ودهشة.. إذ كيف يستطيع هذا الحيوان الضخم السير فوق الطف البركاني على حين لم يثبت الحجر الصغير سوى ثوانٍ قليلة.. كيف لم يحترق أو ينصهر؟
تابع النظر بدقة.. كان هذا الحيوان يتألم تألم الأنثى أثناء الوضع إنه أنثى حيوان إذاً.. وهي تضع وليدها فوق هذه الصخور الهشة اللاهبة وما أن انتهت عملية الولادة وما رافقها من آلام وصرخات هذا الكائن الغريب حتى شاهد عصام.. الوليد.. كان كائناً صغير الحجم بالقياس إلى أمه.. أشبه بالسلحفاة وضعتها الأم فوق اللابة الحارة.. وانصرفت..
أراد عصام الاقتراب والإمساك بها.. لكنه تذكر مصير الحجر.. فتراجع بخوف والدهشة لا تزال تأخذه إلى معاقلها..
كان مصير الوليد.. نفس مصير الحجر الذي رمى به سابقاً.. سرعان ما فارت اللابة.. وشكلت دوائر مترافقة مع أبخرة وغازات غاص على أثرها الوليد الأشبه بالسلحفاة إلى حيث لا يعلم.
كيف ابتلع الطف البركاني الوليد..؟ ولم يبتلع أمه ذات الحجم الأكبر..؟ ما سر هذا الكائن العجيب..؟
كان عصام يحدث نفسه بصوت مسموع: أعرف أن كل الكائنات الحية مهما كانت عظيمة أو دونية.. تبحث عن استمراريتها في أولادها.. لذا تقوم بالتكاثر في الأماكن الأكثر أماناً حفظاً لسلامتهم.
فما بال هذا الكائن اللغز.. يضع وليده في أكثر الأماكن خطورة حيث تبتلعه الحمم البركانية..
إنه لشيء مثير للدهشة..! ما فائدة التكاثر لـه إذاً..؟ لعمري هذا شيء مخالف لقانون الطبيعة في حرص أحيائها على استمرار نسلهم. كانت هذه الأسئلة المحيرة والأفكار المضطربة رفيقة عصام في عودته إلى منزله فبدا كأنه غير راغب بالعودة وأخذ يسير بطرق ملتوية..
كان يردد: ليتني استطعت ملامسة هذا الكائن الوليد ولو لحظة.. ليتني أستطيع أن أعرف شيئاً واحداً عنه..
وصل في سيره المضطرب إلى الطرف الآخر للنهر الذي يربض منزله على ضفته الثانية.
أخذ يضرب المياه الساخنة بطرف قدمه.. وإذ بها تتعثر بشيء ما.. انحنى على الأرض.. أزاح الرمال بيديه..
يا الله.. إنه الوليد نفسه الذي ابتلعته الحمم البركانية قبل قليل..!! أو لعله شيء شبيه به.. التقطه بيديه بحنو ورقّة.. إنه كائن كثير الشبه بالسلحفاة..
شعر وكأنه عثر على كنز لا يقدَّر بثمن.. حمله.. وأخذ يسير مسرعاً باتجاه البيت.. لقد تدخل القدر.. ومنحه فرصة نادرة لإجراء بحث جديد.. لم يسبقه إليه أحد.
كان بين اللحظة والأخرى يقف ويرفع الحيوان الصغير باتجاه وجهه متفرساً.. إنه كائن وديع.. يخفي رأسه في الصندوق المشابه لصندوق السلحفاة.. لكن عندما يظهره مستطلعاً، كان يشبه إلى حد كبير رأس ذلك الحيوان الذي رآه منذ قليل متلبساً بحالة ولادة.. مما زاد في يقينه أنه الكائن نفسه الذي تمت ولادته فوق اللابة الساخنة.
بدا الأمر الآن أكثر إقناعاً للعقل من قبل.. إنها الحالة الطبيعية للتكاثر.. الأم تضعه في المنطقة التي يعتقد الرائي إنها خطرة.. ليتم تشكيله في مرحلة ثانية ويخرج من منطقة أكثر أماناً..
لكن كيف؟ ولماذا؟ وما هو السر؟ أسئلة محيرة كثيرة بحاجة إلى إجابة وعصام يعتقد في نفسه القدرة على البحث والدراسة والصبر لحل هذا اللغز الغريب.
صرخت دلال أخت عصام عندما رأته يحمل الحيوان الصغيرة بيديه: كان ناقص حيوانات قذرة في البيت..! ألا تدري أن السلحفاة قذرة وتحتاج لعناية فائقة بها...
ابتسم عصام: إنها ليست سلحفاة.. إنها شبيهة بها كثيراً.. لكنها ليست سلحفاة.. فلا هذا هو شكل رأسها، ولا هذه هي طريقة ولادتها.
لم يأبه عصام لاستنكارها وضع الحيوان ريثما يتم تأمين طعامه، ليتمكن من استمرار الحياة حتى يقوم بإجراء تجارب عليه وحل لغزه الصعب.. في تلك الأثناء دخلت الأم مسرعة غرفة ابنها استجابة لطلب ابنتها فتعثرت بالحيوان المندهش وكادت تقع أرضاً..
حمل عصام السلحفاة الغريبة وقال يمازح والدته: سأضربها كرمى لك لأنها كادت توقعك.. وبدأ يضرب السلحفاة ضرباً ناعماً على ظهرها.. ولشد ما كانت دهشة الجميع بالغة.
عندما خرجت من جوف السلحفاة قطعة حجر لامعة.. أحدث سقوطها على الأرض صوتاً أشبه بصوت الزجاج عند ارتطامه بالأرض..!
التقط عصام الحجر بدهشة وتفحصه بدقة.. ثم صرخ فرحاً.. إنه ماس حقيقي.. ماس بحاجة إلى قليل من الصقل لتبرز قيمته الرائعة..
قالت أمه: أعرف أن الماس يستخرج من الأرض وأنه تبلور قسري للبقايا المتفحمة في باطن الأرض خلال مئات السنين.. ولم أسمع يوماً أن الماس يمكن أن يخرج من فم أو مؤخرة أي كائن حي.. قد يكون لؤلؤاً.. أو شيئاً شبيهاً به..
عاود عصام تفحص الحجر، ثم قال بيقين: إنه ماس.. أنا أعرفه جيداً.
ثم إنه ضرب السلحفاة المدهشة بلطف مرة ثانية على ظهرها.. وإذ بحبة أخرى من الماس تسقط منها..
كرر الضرب ثالثة.. ورابعة.. وفي كل مرة كانت تخرج حبة مماثلة للأولى في القساوة واللمعان..
رقصت الأم.. وارتفع صوت الأخت بالتهليل..: لقد ودعنا الفقر إلى الأبد.. سنعود إلى مدينتنا.. ونبتاع فيلاً كبيرة.. وسيارة ومصيف على البحر.. وعلى الجبال.. و وَ..
قاطعها عصام: مهلاً هل جننتِ؟ من أين كل هذا..؟
قالت: يا غشيم من هذه الماسات...
قال عصام بسخرية: أربع ماسات صغيرة ستحقق كل أحلام دلال دفعة واحدة..؟
قالت دلال بيقين: يا أحمق.. حيوانك هذا منجم ماس ثم مدت يدها لتخطف السلحفاة.. على حين ابتعد بها عصام وهو يتوعد: إيَّاكِ يا دلال ضربها ثانية.. ألا ترين كم تتألم رغم نعومة ضرباتي...
دعيها اليوم لنبحث عما نطعمها إيّاه وفي الغد نرى ما يمكن فعله.. ابتلعت دلال ريقها بغضب.. وهي تقول: أخي يعشق الفقر.
وانشغل عصام مع والدته في إحضار قشور الخيار والخس.. طعام السلحفاة المعتاد لكنها رغبت عنه مما زاد في حيرتهما..
كانت تنظر إلى عصام بتوسل.. وكأنها ترجو أن لا يعاود الضرب.
في اليوم التالي.. ترك عصام السلحفاة مع ماسَّاتها في غرفته وانطلق باكراً إلى الشاطئ الذي وجدها عليه.. يبحث في طيّاته.. عما يمكن أن يكون طعاماً تقبل تناوله وهو يحدث نفسه: إن الخالق الذي استخلصها من وسط الحمم الحارة إلى الشاطئ الساكن.. لا بد أن يكون قد أتى بها إلى المكان الذي تستطيع العيش فيه وتأمين طعامها.
هكذا تستقيم الأمور في منطق أكثر. تسللت الأم إلى غرفة ابنها بعد مغادرته لها وأخذت تتفحص الحيوان الشبيه بالسلحفاة.. أعادت عرض المياه والخس.. والخيار عليه.. دون فائدة.. أمسكت به وأخذت تضربه بنعومة كما فعل ولدها..
لم يسقط منه شيء.. عاودت الكرة بعنف أكثر.. فندّت عنه صرخة ألم مما جعل الأم ترتعش وتعيده إلى الأرض..
إنها امرأة حكيمة.. علمتها الحياة.. الكثير.. أيقنت في داخلها أن ما تهبه السلحفاة لابنها.. لن تهبه لآخر أبداً.. لأنه الكائن الأول الذي التقطها بعد الولادة.. وحملها بعطف.. وحب.
تركت الحيوان على الأرض بعد أن أغلقت الباب وعادت إلى مطبخها وهي تدعو لابنها بالتوفيق في أبحاثه..
حين استيقظت دلال.. أسرعت إلى غرفة أخيها.. التقطت الماسات الأربع ووضعتها في جيبها.. ثم حملت السلحفاة بقسوة وأخذت تضربها كما فعل أخوها..
وعندما لم تخرج السلحفاة شيئاً.. ثارت ثائرتها.. واشتد غضبها فأكثرت من الضرب والركل.. وكلما صدر عن السلحفاة ما يشبه الأنين.. ازداد غضب دلال.. وازدادت قسوتها على الحيوان الصغير.. حتى أنها أحضرت عصا غليظة وضربتها على ظهرها.. ولدهشة دلال أخرجت السلحفاة من باطنها مواد كريهة الرائحة جداً لا تحتمل.. ثم همدت حركتها..
رمتها أرضاً.. وخرجت هاربة من الغرفة.. والاصفرار يعلو وجهها.
حضرت الأم مسرعة على صوت الجلبة وانبعاث الرائحة الكريهة من غرفة ابنها.. وفهمت للتوِّ ما حصل.. التفتت إلى ابنتها بتأنيب تعرف أن أوانه قد فات.
وقالت معاتبة: ضيعت ثمرة تعب أخيك..
كان الندم الذي لا يجدي نفعاً قد أخذ من نفس دلال الكثير وهي قابعة في غرفتها.. حزينة تنتظر عودة عصام..
في الوقت الذي كان فيه عصام قرب النهر.. باحثاً عن شيء ما يخدمه في إطعام السلحفاة..
فجأة سمع صرخة عظيمة.. كان الصوت نفسه الذي سمعه بالأمس عندما شاهد الحيوان الضخم في حالة ولادة..
ربض ساكناً خلف إحدى الشجيرات يراقب ما يكون من أمر هذا الكائن، كانت هذه الأنثى تبحث على أطراف الشاطئ.. عن شيء مفقود.. وتضرب بذيلها الطويل.. يمنة ويسرة.. والنار تقفز من عينيها الغاضبتين..
لا بد أنها تبحث عن وليدها.. من رنة صوتها الضخم.. الحزين.. عرف عصام أن الوليد لا يمكن أن يعيش دون أمه..
عرف ذلك من القطرات التي تشبه اللبن الخاثر التي كانت تتساقط من صدر الأم.. ومن القطرات النارية التي تسقط إثره من عينيها الحزينتين..
يا لروعة الخلق.. إنها أم تبكي على إرضاع طفلها.. يبدو أنها تضعه على اللابة ليتشكل شيء ما.. في داخله.. وتنتظر خروجه من حيث تعلم على طرف النهر لتلتقطه وترضعه كأي أم..
يا لها من أم ثكلى ويا لتعاسة ذاك الوليد بعيداً عمن تضمن استمرار حياته.. لكن لا.. سأعود إلى المنزل وأعيده إلى الشاطئ.. حيث ينعم بالقرب من أمه.. لن أحرمه أجمل شعور في الوجود..
لقد أعطاني الكثير كوني حملته بحب ولطف.. ولا بد أن يعطيني أكثر إن أحضرته ليحيا الحياة الطبيعية في حضن الأم المسكينة.. كان هذا ما يحدث عصام به نفسه، وهو يسرع الخطا باتجاه منزلـه وما إن وصل إلى البيت حتى اندفع باتجاه والدته يشرح لها ما توصل إليه بشأن الوليد وأمه.. دون أن ينتبه إلى الحزن الرابض في عيني والدته وإلى شدة انبعاث الرائحة الكريهة من غرفته. لكن أمه.. ما إن سمعت بتحليل ابنها وخوفه على الأم من الحزن على وليدها حتى انفلتت بالبكاء.. عندها فقط اشتمَّ عصام الرائحة الكريهة..
أسرع إلى غرفته وقد حدّثه قلبه بالخوف.. وما إن شاهد السلحفاة مسجاة على ظهرها ولم يجد أثراً للماسات حتى خمّن ما حدث..
قال بصوت يشبه العويل: متى تتخلص أختي من جشعها وغبائها؟ وأخذ يمسح دمعة انفلتت رغماً عنه.
حمل السلحفاة أو شبيهتها الميتة.. ووضعها على الشاطئ.. وجلس قريباً منها والحزن يأكل قلبه..
في اليوم التالي عاد الحيوان الضخم يبحث بصوت حزين وما إن شاهد الوليد ميتاً حتى أخذ يطلق حمماً ملتهبة (أحرقت الأشجار النامية على ضفة النهر) ويصدر أصواتاً مرعبة.. وحزينة بآن واحد..
ابتعد عصام هلعاً: وعاد مسرعاً إلى منزله.
قالت الأم مواسية: كل شيء في الدنيا قدر مرسوم.. لا تجزع كثيراً..
قال بهمس باكٍ: المصيبة أن الأغبياء والطمّاعين هم مَنْ يصنعون قدرنا.
أجابت محفزّة: حاول العودة ثانية إلى المكان الذي وجدتها تضع وليدها فيه قد يسعفك الحظ بحيوان ثانٍ.. تكون أقدر على التعامل معه في المرة القادمة..
بيأس قال: تعرفين أن زمن التكاثر عند بعض الكائنات يكون طويلاً وبعضها يتوالد لمرة واحدة..
وأنتِ تعرفين أيضاً أن بعض الثديات إن حزنت على ولدها الأول لا تنجب بعده أبداً..
تمتمت الأم بحزن: يحدث هذا أحياناً عند أنثى البشر..
أردف عصام: لِمَ لا تكون هذه حالها هي أيضاً.. إنني لم أرَ طوال حياتي أو أسمع عن حيوان شبيه.. وهذا يعني ندرة نوعها وبالتالي يعني صعوبة أو ندرة تكاثرها..
لم يكن عصام بعد هذا الحوار بحاجة إلى تأكيد أمه.. إنه باحث.. والباحث الجيد لا يعرف اليأس.. إنه يعرف أن البحث بحد ذاته علم تفوق قيمته قيمة الماس الذي فقده..
تذكر عندها الماسات الأربع.. سأل أخته.. التي قفزت ناسية حزنها.. ورددت: أجل الماس.. الماس.. إنه ثروة.. إن وعدتني بالعودة إلى المدينة.. أحضرت الماسات. رفض عصام إعطاء الوعد.. فعمله وأبحاثه أهم وأثمن.
واستنفدت الأم أعصابها وهي تحاول ترويض عناد ابنتها.
أخيراً أعطت وعداً مشروطاً.. بعودتها إلى الدراسة والعلم مثل أخيها..
عندها أخرجت دلال الماسات.
ولشد ما كانت دهشتها عظيمة.. كانت الماسات كامدة.. لا بريق لها. نظر الأخ بألم وسأل: أين كانت هذه الماسات يا دلال؟
قالت بدهشة: في غرفتي.. تحت وسادتي!..
صرخ بغضب: أيتها الغبية إنها من النوع الذي يحتاج للضوء أثناء اكتمال التبلور ليستمر تألقه وبريقه إلى الأبد.
اندفعت بما يشبه البكاء: ماذا يعني هذا.. هل فقدت الماسات قيمتها لأني خبأتها فوراً.. ورمت بها أرضاً.
ردّ بصبر العالم وحلمه.. وهو يلتقط الماسات: تبقى قيمتها بالذكرى وبتلقينك درساً يجب أن لا تنسيه ما حييت.. أشاحت دلال بوجهها باكية وهي تردد: لن أتدخل فيما لا أفقه بعد الآن.. لن أتسرع..
قاطعتها الأم: المهم أن تتخلصي من الجشع..
ومنذ ذاك اليوم ودلال تقضي يومها بين اللابات المنصهرة.. ترمي حجراً وتسرع إلى الطرف الثاني للنهر علها تلتقط شيئاً ما..
فلا تجد غير أباريق مكسورة وبقايا أواني قديمة وحصى متنوعة الألوان تقذف بها المياه إلى الشاطئ..
والأعوام تمر.. دون أن يعود ذلك الحيوان الغريب للظهور ثانية
سكره
سكره
عضو رائع
عضو رائع

عدد المساهمات : 43
تاريخ التسجيل : 31/01/2010

https://fehopallah.ahlamountada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى